الاثنين، 13 فبراير 2017

كربٌ وبلاء
كان يوماً عادياً كسائرِ الأيام، فيه ما فيه من العمل الممزوج بالرتابة و كثير من دعوات التفائل، لشراءِ وهمٍ بان ما سيأتي اجمل !
تمر الدقائق عجاف، ويكاد ظلُ أحدهم يسبقه ومن تلابيبه يسحبه. 
و بينما الجميعُ يواسي الجميع، ارتجفتْ الأرض من تحت أقدامهم و تهاوى الناس خوفًا مع سماعِ دق الناقوس المعلق في المنارة القديمة، الذي تخيل الجميع أنه ولى بزوال صانعيه من العهد القديم، لكن ما أربكهم فعلاً هو ذلك الصوت الذي علا معه (أن يا أيها الناس اجتمعوا، اجتمعوا، أمرٌ جلل) 
تخاذلت الهمم وارتعدت الفرائص وتعلقت الأبصار حيث الناقوس، وتقاسمت الآذان جمهرة الناس وصدى النفير، لا بد أن نفيق، هكذا قالوا!
فبقية عزم ادخرناه لسائر أيامنا لا مناص من استهلاكه الان. حُشر الناس ضحىً ، واجتمع السحرة من بين الجموع يضحكون و يقتاتون على آلامهم  و الاوجاع. 
وقف الزبانية يدخلون الجموع افواجاً ويميلون بهم نحو المقصلة.
ناقوس و مقصلة! مسكين انت يا شعبي. كان لذيذ يومهم دموع الآخرين فتفننوا باذاهم. 
صاح كبيرهم أنتم هناك، الا تسمعون؟ امتازوا إلى قوائم ثلاث، كلكم مبتور ما هو فيه، وباطل ما كُنتُم تحلمون، كلكم بقايا عشاء أخير، لن نطيل عذاباتكم، هكذا قررنا، و هكذا سيكون. 
فامتازَ الناس إلى ثلاث، بأوامر صِيغت على اكفِ عبوديتهم،  
نَفرٌ سيقضي نحبه بين أيدينا الان، وقوم عند الغروب لتنسج دماءهم مع الشفق كربلاء اخرى على جبين الظالمين، و آخرون مرجون لرحمتنا إما نعذبهم و إما نتوب عليهم، فهم في عذاب قائم، و الله على كل شي شهيد. 
تعالت الأصوات و امتزجت الدموع بالدموع، فكلنا مهدور الكرامة مخلوع الفؤاد. 
و بينما الذبح يمتد لفئة منهم، وانهال الآخرون صمتاً بين أيديهم، اختار احدهم الصعود للناقوس مبادرةً، فهو أيقونة تعذيبهم ورمز بقاء الظالمين.
أسرع آخذاً الاميال خطوات في سعيه، وامتدت يداه للناقوس ووضعه تحت قدمه ثم صدح بالأذان في وقت لا أذان فيه ولا إقامة!
الله اكبر الله اكبر، كانت هذه الكلمات بلسم الحاضرين. شخصت أعينهم للسماء و رددوا الأذان في بكاء ( الله اكبر الله اكبر باصوات تتعالى مع تتالي مقاطع الاذان ) 
أنكم لا تدعون اصماً، نعم لا تدعون أصماً، فقد ازدحمت السماء باصوات الرعد وامتد للناقوس فطمسه و للمقصلة فارداها و للزبانية فأحرقهم، ومعها لمعت عيون الجموع مع فجر وليد أنهى ليالي الظالمين.