الأربعاء، 25 مايو 2016

بقلمي
(دور المثقف)
إن المثقف في حقيقته ، ليس ممن  يمارس نشاطاً ذهنياً او ابداعاً فكرياً بمفهوم المتفرج الملتزم فقط . بل يعمل متفانياً و باذلاً بما لديه من طاقة للقيام بما يتوجب عليه فعله موازياً لذلك روحاً تغمرها حب الخير و ذهناً متقداً يلمح الحقيقة و يدرج في تهاليزها ، محللاً للأوضاع وطارحاً لمقترحات و حلول لها بعد انساني، فيكون بذلك صوتاً للحقيقة و مدافعاً عن القيم الخالدة لمعانيها المتمثّلة في الرحمة والامانة و العدل ، باعتبارها وجوهاً للقيم الكونيّة .
فهو ان صح القول ، ليس صوتا للكذب وبوقاً يهتف بالمجد الملفق المثبت قطعاً بالمقالات المزخرفة او مجرّد عضو  لاندية ثقافية مغلقة، منزوي في  برج عاجي بعيداً عن المشاركة في تغيير واقعاً يُنظّر له في حين انه يمكنه ان يضيف اليه ، او منغلق على ذاته المؤطر بتصنيف يخضع للعرق و الجنس او الدين.
و تأكيداً منه على ضرورة ذلك، كان لا بد له ان ينخرط بفاعليّة في التغيير الإيجابي في بيئته المحيطة ، ليس فقط عن طريق إبداع أفكار او وضع آراء بلغة محنّطة لا تخضع لقانوني الواقع و الفن الممكن بل وكذلك - وهو الأهم - عن طريق المشاركة النوعية بطرح مجموعة متماسكة من الإجابات على المآزق المحيرة التي تواجه سير الحياة و ما يمكن أن يساعد فعلاً في خدمة مجتمعه بما يتماهى مع ماهية تميزه و ثقافته  .

هكذا يتبدى له و لكل ذي عقل راجح، أنه لا معنى لمن يدعي المثل وهو فاقد للمبادرة في وضع الحلول أو متخاذلاً في اداء الدور المنوط به و أقل منها ضرراً، اتخاذه موقف المحايد الطالب لأمن عيشه بعيداً عن المواقف المشرِّفة ، لفائدة الأفراد فيغدو مدجّنا لا قيمة لآدميته .

د. خالد عبدالجبار
( حدودك تحررك )
حين ترسم لنفسك حدوداً ناضجة و آمنة بمزيج من مواقف التواصل البنّاء و المعتقدات الإيجابية و المشاعر المتزنة ، فانك بذلك تسعى لتحرير ذاتك من الضغوط و الإحباطات و تحدد للأشخاص الآخرين كيفية التعامل معك و تضبط ردات فعلك تجاههم فتحفظ الحقوق لجميع الأطراف .
 إن الإنسان منا هو صاحب القرار في ممارسة حقوقه المنصوصة شرعاً و عرفاً و قانوناً و عليه أن يحافظ على كيانه و قيمه دون أن يضطره ذلك لخلق العداوات او التعدي على الاخرين بداعي حفظ الحقوق لنفسه .
و ان يكون حازماً بمفهوم أساليب التواصل الناضجة و التي تعرّف الحزم بكونه لا يعني قطعاً العدائية . والسلوك الحازم ليس عدوانياً ولا توبيخياً ولا تهديدياً  ولا تهكمياً . فهو بذلك يختلف عن العدوانية ، فنحن بالدفاع عن أنفسنا وإثبات وجودنا و حقوقنا لا نعتدي على حقوق الآخرين . و الحزم يعني أن تتواصل و توصل ما تريد قوله إلى الآخرين بطريقة واضحة ، مع احترام حقوقك ومشاعرك متوازية مع احترام حقوق الآخرين ومشاعرهم . فهو بذلك تعبير صادق وينم عن احترام الذات الإيجابي و رؤيتها بصورة أفضل . 

ان وضوح المعاني الحقيقية و المهارات المعرفية و السلوكية المطلوبة و طريقة اكتسابها للوصول لمعنى الحزم الآنف ذكره عبر محاور ترى أن الانسان بكيانه و استقلاله يوازي كيان دولة و استقلالها، فلقد أوجدنا الله بحدود تشمل محاور حياتنا المختلفة و منها و ليس تقليلاً من الأخريات ، الحدود النفسية و جعل لهذه النفس هوية تحددها و خلق لها دفاعات نفسية بنوعيها الصحية  و المرضية و هذه بالأخص من تقوم بدورها عن طريق العقل اللاواعى بإنكار الحقيقة أو تغيرها أو التلاعب بها من أجل حماية الشخص من الشعور بالقلق او التوتر الناتج عن الافكار الغير مقبولة، و بالتالي حمايته من التهديد، فيحافظ على صورته الذاتية و لكن بمنطق اللاوعي و بعيداً عن ممارسة التواصل البناء مع الاخرين.

و حتى هذه الدفاعات النفسية نستطيع بمجمل مهارات مختلفة تغيير واقعها لتصبح في نطاق الوعي و تحويلها الى اليات نفسية صحية و ناضجة نتحكم بها و نضيفها الى هويتنا و نقوي بها حدودنا .

ان تثقيف الفرد بمعالم حدوده و حدود الاخرين و بطريقة تعبيره المثلى عن أفكاره و مشاعره و احتياجاته و كذلك توضيح مراسم تكوين الهوية و الدفاع عنها بالدفاعات النفسية الناضجة للتعامل مع الضغوط الحياتية و مع منتهكي الحقوق، بمهارات ملموسة تضمن كفل الحقوق له و لغيره حتى في حال غيابهم بمنظور المكسب للجميع، لهي من اهم أهداف البناء النفسي السليم .

د. خالد عبدالجبار