(الامراض النفسية و رخصة الافطار)
يملك الناس في العموم معرفة محدودة بالامراض النفسية ، لذلك ما إن يروا شخصاً بالغاً يُفطر في رمضان حتى يتسابقون بالقفز بالأحكام و ينتابهم الاشمئزار من إفطاره ، و إذا قيل لهم بأنه مريض نفسي و له رخصة الافطار ، نتيجة وضعه الصحي و ما يتناوله من أدوية ، فإنهم و بجهل منهم قد يستنكرون ذلك ، و ربما نصحوا المريض بأنه لو صام لربما كان ذلك سبباً في شفائه ، كون الاعتقاد الراسخ عند عامة الناس، يوثق الصِّلة بين ضعف الإيمان و قلة الوازع الديني و حدوث الأمراض النفسية، إلا أن حقيقة الأمر تكمن فيّ أن هناك أسباب مختلفة وراء ظهور الأمراض النفسية و تفاقمها ومنْهَا الوراثية والاجتماعية و العقلية و العضوية، أو ربما مصاحبة للامراض العضوية في حالات مختلفة ، و قد تكون أشد وطأةً من المرض العضوي في أحيان كثيرة ، لذلك يجب على الإنسان ألا يتحدّث إلا عن علم ومعرفة ، فبعض النصائح ممن يجهلون الأمراض أياَ كانت هذه الأمراض قد تقود إلى التهلكة ، ناهيك عن المرض النفسي ووطأته . و بذلك يقع المريض بين مطرقة المرض النفسي و معاناته و سندان الوصمة و جهل المجتمع، فيصبح ضحية المشقة و خطورة الإتيان بالصيام والتي قد تكون كارثية، في حين أن أعلى مقاصد الإسلام و سماحته، تتمثل جلية في حفظ النفس ، كواحدة من الضرورات الخمس في التشريع الإسلامي ، وهي حفظ "الدين، النفس، العقل، المال، والنسل". لذلك رخص الله تعالى للمريض الإفطار
في رمضان تخفيفاً و رحمة به و جعل الإتيان بهذه الرخصة من أسباب محبته لعبده كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
( إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه) .
وهنا تكمن الحاجة إلى تضافر الجهود، من قبل الجهات ذات الاختصاص ، و المقدمة للخدمات الصحية النفسية، سواء كانت حكومية أو خاصة ، أو جمعيات مجتمعية خيرية متخصصة، لوضع برامج استثنائية ،تسبق المواسم الدينية ، و تتواكب مع أيامها ، و تمس الاحتياج الفعلي للمرضى النفسيين ، بحيثيات مدروسة ، تراعي التزامه، و نيته و حرجه من طرح أسئلة مرتبطة بمرضه و برخصة الإفطار، فيتردد في مُناقشة هذا الموضوع، و هنا يتوجب على الطبيب المعالج مناقشة مريضه من خلال التركيز على الضرورة الطبية و سماحة الإسلام في هذا السياق ، و التي بدورها ستساعد على تهدئة شعوره الطبيعي بالذنب و الذي قد ينتج من إفطاره و بالتالي ستعزز العلاقة العلاجية بينهما.
فالحقيقة التي يعلمها الأطباء و الباحثون هي وجود مخاوف سريرية لبعض الامراض النفسية التي قد تنجم عن الصيام ، نتيجة عدم تناول كميات كافية من الماء، و خاصة مع تناول بعض الأدوية مثل الليثيوم، و الذي يُستخدم كمُثبت للمزاج، للمرضى الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، لأن الجفاف الذي يسببه الليثيوم قد يسفر عن مشاكل في الجهاز البولي تصل إلى الفشل الكلوي الحاد و خاصة لكبار السن و مرضى السكر .
و ايضاً انخفاض الترشيح الكلوي لليثيوم ، قد يزيد من مستوى هذا العلاج في الدم ، و قد يكون ضاراً على الجسم، و نخص بالذكر هنا الغدة الدرقية ،حيث يُحدث اضطراباً في عمل الغدة الدرقية ، مما يُسبّب نقصاُ في إفراز مادة الثيروكسين، وهي مادة ضرورية لعملية الأيض في الجسم.
و في إحدى الدراسات الحديثة، تم تسجيل نسبة عالية من الانتكاسة، لاضطراب ثنائي القطب وصلت ل (45٪)، وظهرت الانتكاسة ك نوبات هوس أو اكتئاب ، خلال شهر رمضان، على الرغم من مستويات الليثيوم المستقرة.
و لذلك أدرجت بعض المقترحات و التي من الممكن العمل بها للوصول بالخدمات النفسية لمستوى يزيل العبثية و التشتت و يوحد الجهود لتخفيف معاناة مرضانا و ذلك بمشاركة الجهات الحكومية و الخاصة أو الجمعيات المجتمعية الخيريّة :-
١- تنظيم ندوات و محاضرات وورش عمل تجمع المرضى و ذويهم بفريق معالج متعدد التخصصات يتم ترشيحه من ادارة المستشفى بناءا على معرفة مسبقة بالحالات (تقييماً و خطةً) مكون من استشاري طب نفسي- أخصائي نفسي- أخصائي اجتماعي بمعيّة مفتي ترشحه وزارة الأوقاف ليستمع للاستفسارات ورأي الفريق المعالج و من ثم يجيب على التساؤلات المطروحة بما يراه مناسباً .
٢- استضافة المختصين في وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقروءة لتناول خصوصية رمضان و الامراض النفسية .
٣- تقديم برنامج إذاعي خلال شهر رمضان الكريم يجمع استشاري طب نفسي و مفتي من وزارة الأوقاف لمناقشة الاضطرابات النفسية و رخصة الافطار، بناءً على ما يتم عرضه من سيناريوهات تحاكي واقع المرضى او تساؤلاتهم، و خلال الحلقة يتم استقبال مكالمات على الهواء من المستمعين و يتم الإجابة عليها برأي طبي و ديني متبوعة بالنصائح و التوجيهات
٤- تأليف فقرات تمثيلية قصيرة ، لبعض الأمراض النفسية الشديدة، لتعرض في الفواصل الإعلانية و تتكرر في أوقات مختلفة خلال أيام رمضان و لياليه، توضح للمرضى كيفية طلب المساعدة ، واُخرى توضح مبادرة الطبيب أو مقدم الخدمة في تقديم النصح و الإرشاد للمرضى ضمن إطار هدفه توثيق العلاقة العلاجية بين جميع الأطراف .
٥ - تأليف مقاطع تمثيلية أخرى، تستهدف أفراد المجتمع ، تسعى اتخفيف ضغط المجتمع ، و تقليل وصمة العار، والتروي في إصدار الأحكام والقفز للنتائج ، في حال مشاهدة من يفطر من البالغين في نهار رمضان .
٦- الانطلاق بحملة قبل رمضان و خلال أيامه المباركة تهدف لنشر الوعي حول سماحة الاسلام و ترفع الضغط المجتمعي عن المرضى لأخذ رخصة الافطار التي تصدق الله بها على عباده.
٧- تمكين أكبر للجمعيات الموجودة مثل جمعية وياك ( جمعية أصدقاء الصحة النفسية) و التي تعمل بجهد ملحوظ و أنشطة متنوعة و تقوم بدور مجتمعي مميز لمتلقي الخدمة و لمقدميها من الاخصائيين و الممارسين على كافة الاصعدة .
٨- تشجيع تأسيس جمعيات مجتمعية خيرية متخصصة للتعريف باضطرابات نفسية بالاسم مثل ( الفصام، الاضطراب ثنائي القطب .. الخ) أسوة بجمعيات أخرى ناجحة تخدم اضطرابات نفسية مثل التوحد ، لتعمل على برامج مستديمة ، و أخرى استثنائية موسمية ، كخصوصية الشهر الكريم و الامراض النفسية ، و تقوم بعمل عضويات لطلبة الكليات الطبية و الصحية و أطباء الامتياز و المقيمين تحت إشراف نخبة من الاستشاريين و الاخصائيين و كذلك لجهات و أفراد من شرائح مختلفة في المجتمع و هنا سيتم توزيع المسوؤلية المجتمعية على الجميع و سيكون إثراءً للخدمات الصحية التثقيفية و العمل ضمن مفهوم الوقاية خير من العلاج .
٩- تأليف الكتب و طباعة المطويات المتعلقة بخصوصية رمضان و الامراض النفسية ، مرفق معها الفتاوى المتعلقة برخصة الافطار، رداً على استفسارات يتم جمعها لتلامس الواقع و الاحتياج .
١٠- تأسيس و تكثيف خطوط الخدمة النفسية الساخنة (الطارئة).
للإجابة على الاستفسارات المتوقعة، قبل و أثناء مواسم العبادات المختلفة و من ضمنها شهر رمضان المبارك .
و ختاماً، يبقى أن نقول أن المسؤولية المجتمعية واجب على كل مؤسسة و كل فرد قادر و مستطيع لإكمال الحلقات الخدمية التي تقدم للمجتمع ضمن إطار تحكمه استراتيجيات واضحة ترقى بالخدمات الطبية المقدمة .
يملك الناس في العموم معرفة محدودة بالامراض النفسية ، لذلك ما إن يروا شخصاً بالغاً يُفطر في رمضان حتى يتسابقون بالقفز بالأحكام و ينتابهم الاشمئزار من إفطاره ، و إذا قيل لهم بأنه مريض نفسي و له رخصة الافطار ، نتيجة وضعه الصحي و ما يتناوله من أدوية ، فإنهم و بجهل منهم قد يستنكرون ذلك ، و ربما نصحوا المريض بأنه لو صام لربما كان ذلك سبباً في شفائه ، كون الاعتقاد الراسخ عند عامة الناس، يوثق الصِّلة بين ضعف الإيمان و قلة الوازع الديني و حدوث الأمراض النفسية، إلا أن حقيقة الأمر تكمن فيّ أن هناك أسباب مختلفة وراء ظهور الأمراض النفسية و تفاقمها ومنْهَا الوراثية والاجتماعية و العقلية و العضوية، أو ربما مصاحبة للامراض العضوية في حالات مختلفة ، و قد تكون أشد وطأةً من المرض العضوي في أحيان كثيرة ، لذلك يجب على الإنسان ألا يتحدّث إلا عن علم ومعرفة ، فبعض النصائح ممن يجهلون الأمراض أياَ كانت هذه الأمراض قد تقود إلى التهلكة ، ناهيك عن المرض النفسي ووطأته . و بذلك يقع المريض بين مطرقة المرض النفسي و معاناته و سندان الوصمة و جهل المجتمع، فيصبح ضحية المشقة و خطورة الإتيان بالصيام والتي قد تكون كارثية، في حين أن أعلى مقاصد الإسلام و سماحته، تتمثل جلية في حفظ النفس ، كواحدة من الضرورات الخمس في التشريع الإسلامي ، وهي حفظ "الدين، النفس، العقل، المال، والنسل". لذلك رخص الله تعالى للمريض الإفطار
في رمضان تخفيفاً و رحمة به و جعل الإتيان بهذه الرخصة من أسباب محبته لعبده كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
( إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه) .
وهنا تكمن الحاجة إلى تضافر الجهود، من قبل الجهات ذات الاختصاص ، و المقدمة للخدمات الصحية النفسية، سواء كانت حكومية أو خاصة ، أو جمعيات مجتمعية خيرية متخصصة، لوضع برامج استثنائية ،تسبق المواسم الدينية ، و تتواكب مع أيامها ، و تمس الاحتياج الفعلي للمرضى النفسيين ، بحيثيات مدروسة ، تراعي التزامه، و نيته و حرجه من طرح أسئلة مرتبطة بمرضه و برخصة الإفطار، فيتردد في مُناقشة هذا الموضوع، و هنا يتوجب على الطبيب المعالج مناقشة مريضه من خلال التركيز على الضرورة الطبية و سماحة الإسلام في هذا السياق ، و التي بدورها ستساعد على تهدئة شعوره الطبيعي بالذنب و الذي قد ينتج من إفطاره و بالتالي ستعزز العلاقة العلاجية بينهما.
فالحقيقة التي يعلمها الأطباء و الباحثون هي وجود مخاوف سريرية لبعض الامراض النفسية التي قد تنجم عن الصيام ، نتيجة عدم تناول كميات كافية من الماء، و خاصة مع تناول بعض الأدوية مثل الليثيوم، و الذي يُستخدم كمُثبت للمزاج، للمرضى الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، لأن الجفاف الذي يسببه الليثيوم قد يسفر عن مشاكل في الجهاز البولي تصل إلى الفشل الكلوي الحاد و خاصة لكبار السن و مرضى السكر .
و ايضاً انخفاض الترشيح الكلوي لليثيوم ، قد يزيد من مستوى هذا العلاج في الدم ، و قد يكون ضاراً على الجسم، و نخص بالذكر هنا الغدة الدرقية ،حيث يُحدث اضطراباً في عمل الغدة الدرقية ، مما يُسبّب نقصاُ في إفراز مادة الثيروكسين، وهي مادة ضرورية لعملية الأيض في الجسم.
و في إحدى الدراسات الحديثة، تم تسجيل نسبة عالية من الانتكاسة، لاضطراب ثنائي القطب وصلت ل (45٪)، وظهرت الانتكاسة ك نوبات هوس أو اكتئاب ، خلال شهر رمضان، على الرغم من مستويات الليثيوم المستقرة.
و لذلك أدرجت بعض المقترحات و التي من الممكن العمل بها للوصول بالخدمات النفسية لمستوى يزيل العبثية و التشتت و يوحد الجهود لتخفيف معاناة مرضانا و ذلك بمشاركة الجهات الحكومية و الخاصة أو الجمعيات المجتمعية الخيريّة :-
١- تنظيم ندوات و محاضرات وورش عمل تجمع المرضى و ذويهم بفريق معالج متعدد التخصصات يتم ترشيحه من ادارة المستشفى بناءا على معرفة مسبقة بالحالات (تقييماً و خطةً) مكون من استشاري طب نفسي- أخصائي نفسي- أخصائي اجتماعي بمعيّة مفتي ترشحه وزارة الأوقاف ليستمع للاستفسارات ورأي الفريق المعالج و من ثم يجيب على التساؤلات المطروحة بما يراه مناسباً .
٢- استضافة المختصين في وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقروءة لتناول خصوصية رمضان و الامراض النفسية .
٣- تقديم برنامج إذاعي خلال شهر رمضان الكريم يجمع استشاري طب نفسي و مفتي من وزارة الأوقاف لمناقشة الاضطرابات النفسية و رخصة الافطار، بناءً على ما يتم عرضه من سيناريوهات تحاكي واقع المرضى او تساؤلاتهم، و خلال الحلقة يتم استقبال مكالمات على الهواء من المستمعين و يتم الإجابة عليها برأي طبي و ديني متبوعة بالنصائح و التوجيهات
٤- تأليف فقرات تمثيلية قصيرة ، لبعض الأمراض النفسية الشديدة، لتعرض في الفواصل الإعلانية و تتكرر في أوقات مختلفة خلال أيام رمضان و لياليه، توضح للمرضى كيفية طلب المساعدة ، واُخرى توضح مبادرة الطبيب أو مقدم الخدمة في تقديم النصح و الإرشاد للمرضى ضمن إطار هدفه توثيق العلاقة العلاجية بين جميع الأطراف .
٥ - تأليف مقاطع تمثيلية أخرى، تستهدف أفراد المجتمع ، تسعى اتخفيف ضغط المجتمع ، و تقليل وصمة العار، والتروي في إصدار الأحكام والقفز للنتائج ، في حال مشاهدة من يفطر من البالغين في نهار رمضان .
٦- الانطلاق بحملة قبل رمضان و خلال أيامه المباركة تهدف لنشر الوعي حول سماحة الاسلام و ترفع الضغط المجتمعي عن المرضى لأخذ رخصة الافطار التي تصدق الله بها على عباده.
٧- تمكين أكبر للجمعيات الموجودة مثل جمعية وياك ( جمعية أصدقاء الصحة النفسية) و التي تعمل بجهد ملحوظ و أنشطة متنوعة و تقوم بدور مجتمعي مميز لمتلقي الخدمة و لمقدميها من الاخصائيين و الممارسين على كافة الاصعدة .
٨- تشجيع تأسيس جمعيات مجتمعية خيرية متخصصة للتعريف باضطرابات نفسية بالاسم مثل ( الفصام، الاضطراب ثنائي القطب .. الخ) أسوة بجمعيات أخرى ناجحة تخدم اضطرابات نفسية مثل التوحد ، لتعمل على برامج مستديمة ، و أخرى استثنائية موسمية ، كخصوصية الشهر الكريم و الامراض النفسية ، و تقوم بعمل عضويات لطلبة الكليات الطبية و الصحية و أطباء الامتياز و المقيمين تحت إشراف نخبة من الاستشاريين و الاخصائيين و كذلك لجهات و أفراد من شرائح مختلفة في المجتمع و هنا سيتم توزيع المسوؤلية المجتمعية على الجميع و سيكون إثراءً للخدمات الصحية التثقيفية و العمل ضمن مفهوم الوقاية خير من العلاج .
٩- تأليف الكتب و طباعة المطويات المتعلقة بخصوصية رمضان و الامراض النفسية ، مرفق معها الفتاوى المتعلقة برخصة الافطار، رداً على استفسارات يتم جمعها لتلامس الواقع و الاحتياج .
١٠- تأسيس و تكثيف خطوط الخدمة النفسية الساخنة (الطارئة).
للإجابة على الاستفسارات المتوقعة، قبل و أثناء مواسم العبادات المختلفة و من ضمنها شهر رمضان المبارك .
و ختاماً، يبقى أن نقول أن المسؤولية المجتمعية واجب على كل مؤسسة و كل فرد قادر و مستطيع لإكمال الحلقات الخدمية التي تقدم للمجتمع ضمن إطار تحكمه استراتيجيات واضحة ترقى بالخدمات الطبية المقدمة .