الأحد، 29 نوفمبر 2015

قصة قصيرة من تأليفي
العنوان :-
من روائع الحب
..........
من منا يختار من يحب ...كانت تلك آخر كلمة قالتها قبل أن تغادر
لكن أتراه يتقبل وداعها
فلقد التقت  أقدارهما 
فعبثَ بحياتها و تملكَ وجودها
و حين أرادت الرحيل وجدت زورقها بلا دفة أو شراع
و ربانها مسلوبَ الارادة و التفكير
لكنها عزمت على الرحيل 
و شرعت بالإبحار و ما أن أبحرت حتى نظرت للخلف نظرة وداع أخيرة 
فرأت حبيبها تائه في ضياعه ، يستنجد بها...
ترحمت لحاله فعادت أدراجها رغم الأوجاع ومدت يدها مبتسمة و قلبها يقطر بالدماء ، تريد إيصاله معها لبر الأمان..لا أكثر!
تبسم هو بدوره ، و مد يده إليها  و أمسكها بشدة، ف توهمت للحظة يقظة ضميره ، فدبت الحياة فيها من جديد....
إلا أنه قهقه من فرط الدهاء ، فقد سحبها بشدة  ...تنم عن رغبته في فناءها  ...لم تعلم  وقتها انه أراد محوها من خارطة الوجود 
لقد لاحت في بالها... فكرة ان يموتا سوياً
نعم ....فقد تذكرت لحظة حب من ماض بعيد يوم قال لها ذلك ....أما أن نحيا سوياً أو نموت سوياً 
فوافقته في وقتها ....و اليوم عندما أمسك يدها يريد إغراقها في بحر الآلام ...تقبلت لحظة حبها المجنونة فاغمضت عينيها .....إلا أن ضحكاته ملئت أرجاء المكان فتحت عينيها ...ف رأته ممسكاً بحبل النجاة ...غارقا في دفنها بالحياة .. بيد ملوثة بأشلاء ضحايا سبقتها... في تلك اللحظة رأت مجدافاً عند قدميه ...تعمد أن يخفيه عنها حتى يستدر عطفها لإنقاذه ..
في لحظات الاستحضار تلك انتظرت روحها لتغادر بقايا جسدها
إلا أنه لا روح لها ...فقد سلب روحها من زمن..
و اسكنه في شي لم تعرف ماهيته ....وكانت تشك بأن روحها قريبة منها بجوارها ..لكن لا تعلم اين؟
و حين كان يريد محو جسدها كانت فكرة الموت سوياً قد تبددت 
فهي لم تفكر بطريقته ..لن تغرقه معها وإنما كانت تبحث عن روحها فهي تعلم أن قاتلها بالحب قديماً...يحتفظ ببقايا الضحايا قريبا منه ...يأخذها معها أينما يذهب و كأنها أوسمة توهمه بانتصارات لا وجود لها 
(إذ لا رجولة  تطفو على أجساد النساء)
   
 رغم عاصفة المكان و زحمة الذكريات إلا أن رغبة البقاء لمعت في عينيها بريقاً مشى في عروقها و سرى في أطرافها لتقاوم جلافة يديه الممتدة لإغراقها. ..نعم كانتا قوية إلا أن إصرارها أن تبدأ من جديد  كانت أقوى ..لقد اشتمت رائحة روحها الزكية قريبة منها
فأخذت تفكر... 
يا ترى ما هو الشي الذي يمكن أن يبقي قريباً منه في هذي اللحظات و يكون حريصاً عليه ليساعده على النجاة بعد أن يفنيها  ؟ فربما هذا الشي هو سكنى روحها .....هكذا فكرت ¡
رفعت رأسها ...ب عينين امتلأتا بالأمل تبحث في أرجاء المكان عن روحها ...لاحظت انه رغم صراعه و تشتته ...و رغم فقدانه لكثير من مقتنياته الثمينة على نفسه (فقد كانت على دراية بما يحب) 
لم تجد في حوزته سوى خاتم عتيق في إصبعه
و ذاك المجداف الذي يحتضنه   
أما لماذا فكرت بذلك ....فهذا له موقف آخر
فقد كان يقول لها دوما أنتِ خاتمٌ في إصبعي. ...كان يضايقها ما يقول و تنكر ذلك بشدة ..إلا أن توالي الأحداث والمواقف عبر الأيام ....كانت تؤكد لها ما يقول...فقد كانت مسلوبة الإرادة إلا به...
  مشلولة إلا حساس إلا له ....
كانت تقاوم تلك الأفكار في بداية الأمر ...إلا أنها رضخت لتلك الحقيقة لاحقاً فقد انهكتها المقاومة و كان يوهمها دوماً بأن حياتها قد ألجمها بتعويذة... و عليها إلا تفكر بإرادة الخلاص منها .... 
إذن فلنقل أنها تعويذة ....فهل أسكنها في خاتمه أم في ذلك المجداف...الشاحب المتهالك 
.... في تلك اللحظة ...مدت يدها الأخرى لتنزع  بقايا جسدها من بين  يديه...ف زادت ضحكاته و علت اهازيجه...إلا أنها ازدادت قوة و في لحظة أمسكت خاتمه و تشبثت به تريد انتزاعه مع جسدها .
 أحس هو برغبتها في انتزاع الخاتم 
لم يبالي ..بما تريد ..أشار لها و كأنه يسألها:- أتريدنه؟
صدقت للحظة مكذوبة انها ستنجو. ...وفي حركة سريعة خلع الخاتم من إصبعه بالأصابع الأخرى
دون أن تهتز عزيمته في إغراقها بكلتا يديه ..
توهمت انها ستحصل عليه...إلا أنه ألقاه بين الأمواج و هو يشير لها برأسه ...بأنها ستجده هناك بين الظلمات .
زاد فرحه ...وهي أيضاً تبسمت فقد تأكدت أن روحها لم تكن تسكن ذلك الخاتم ....فهي تعلم يقيناً ....إنه لن يُغرق روحها فهو سيحتفظ بها..تملكاً لا حباً
إذن لم يبقى سوى ذلك المجداف
روحي تسكن هذا المجداف (تحدث نفسها)
لكن كيف السبيل لاسترجاع روحي ...من تعويذة مارسها من دهر؟
أحس ب فرحتها و لم يفهم سبب ذلك ..فتوتر...لاحظ طول نظرها على المجداف فزاد توتره...
و ضمه أكثر بين ثنايا جسده 
زادت رغبته في طمرها. ..و زادت رغبتها في الحياة

في تلك اللحظة
سمعت مناد ينادي من بعيد ...إن تراجعي
لا تلقي بنفسك 
تساءلت عن مصدر الصوت و تعجبت من كلامه
و هي تردد في داخلها ...إن تعال ساعدني ...إن كنت حقيقة 
ولكن في لحظتها خافت أن تكون مجرد هلاوس ما قبل الرحيل للعالم الآخر
لكن نبرة الصوت علت ....و املها أتبعه أمل ب النجاة
وهي تبحث عن مصدر ذلك الصوت بين كثبان الضباب ...ترفع راسها تارة
و تخفضه مرات ....استشعرت معه بأن قواها قد خارت ...تركت احدى يديها  .....لتمدها لذلك الصوت لعله يمسكها و ينقذها
.إلا أنه كان صوتا فقط

ما هذا لقد ارتخت قبضة قاتلي في  تلك اللحظة
فنظرت إليه فرأته للمرة الأولى يجول ببصره معها يبحث عن ذلك الصوت ....
هل تراه سمعه كما سمعته هي...
لكنه فاجأها ب ضراوة بحثه و تلفته بحركات تتبع حركاتها.
لقد  لاحظ افاقتها من بعد استحضار. ..
و ابتسامتهت من بعد عويل و استنجاد ...و سكونها بعد هلع و استغاثة
زاد ادراكها للصوت ....و زاد استغرابها
لقد كان يخاطبها. ...إن كفي عن اذاء نفسك 
لقد تيقنت أن كلا الرجلين لا يرى الاخر ... 
و قاتلي لا يسمع نداءه. ....
لا يهم .....لكن ارجوك انقذني ....
بدأت تصرخ ....تعال ...تعال 
و كنت كلما علا صوتها زاد توتره
 ....في تلك اللحظة
بدأت تسمع حركة المجداف الذي سقط بين قدميه
لقد حانت الفرصة ب تلتقط روحها... 
أخيرا لقد أمسك فارسها ذراعها بيد حانية حازمة .....إذن هو حقيقة 
فأسرعت تتحسس المجداف تريد استرجاع روحها .فتلك فرصتها الأخيرة .....أمسكت به ....نعم لقد امسكته .....
انتبه لذلك ...ف أمسك هو بدوره طرف المجداف الاخر بقوة... إلا أن رغبتها للحياة كانت أقوى
فانتزعته انتزاعا....فسرت طاقة في جسدها 
أشعلت النور في وجودها ..... 
صاحت لقد عدت للحياة
كان فارسها يشد ذراعها بقوة ...و يقول انظري الي 
لا تلتفتي للوراء ...امديني  بعزمك ..ساعدي نفسك ارجوك ....لا شي هناك ....إنه مجرد سراب ...

قالت نعم ....استمر ....
لقد خافت أن تفتر قواه ...
و في لحظات كانت بجواره على متن السحاب 
نظرت نظرة أخيرة للوراء ....رأت الظلام يحوم حول ذلك  المكان و النور امامها يشق الأجواء 
سافرت معه متلهفة للحياة و كلما مضى الوقت ازدادت روحها ثباتا في جسدها .....و أشرقت ملامحها و ملا السكون قلبها

لكن من انت ؟ 
من أين جت ....من أخبرك عن مكاني ؟
كسرت بكلامتها لحظات الوجوم ...
تبسم لها .....لقد رأيتك في المنام ....
فخرجت ابحث عنك على متن السحاب ....
فكنت كما كنت في المنام

من أين خرجت ......
نظر اليها ......من كتاب قديم من كتب الأساطير
  نظرت إليه ......و أي كتاب ذاك 
اكتفى بأبتسامة. .....
هبطا على جزيرة من الأحلام 
و قال لها 
الآن هذا طريق النجاة .....و من وراءك بحور مخيفة 
مهما تزين لك  هو و ساكنيه لا تلتفتي 
أمضى للحياة فلا ماض يخيف و لا ايام مظلمة ستأتي 
وانت .....أين القاك ؟
انا معك في الخيال و الوجود 
لقد اهديتك حياتك لحياتك 
و حياتك سكن لحياتي
 كنت أبحث عنك 
فوجدتك الآن 
طلبي إليك
أن تبقى روحك سراج لروحي ما بقي الزمان
لو كان المحب يختار من يحب
لهان  فراقه عند الوداع

د. خالد احمد عبدالجبار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق