الأربعاء، 25 مايو 2016

( حدودك تحررك )
حين ترسم لنفسك حدوداً ناضجة و آمنة بمزيج من مواقف التواصل البنّاء و المعتقدات الإيجابية و المشاعر المتزنة ، فانك بذلك تسعى لتحرير ذاتك من الضغوط و الإحباطات و تحدد للأشخاص الآخرين كيفية التعامل معك و تضبط ردات فعلك تجاههم فتحفظ الحقوق لجميع الأطراف .
 إن الإنسان منا هو صاحب القرار في ممارسة حقوقه المنصوصة شرعاً و عرفاً و قانوناً و عليه أن يحافظ على كيانه و قيمه دون أن يضطره ذلك لخلق العداوات او التعدي على الاخرين بداعي حفظ الحقوق لنفسه .
و ان يكون حازماً بمفهوم أساليب التواصل الناضجة و التي تعرّف الحزم بكونه لا يعني قطعاً العدائية . والسلوك الحازم ليس عدوانياً ولا توبيخياً ولا تهديدياً  ولا تهكمياً . فهو بذلك يختلف عن العدوانية ، فنحن بالدفاع عن أنفسنا وإثبات وجودنا و حقوقنا لا نعتدي على حقوق الآخرين . و الحزم يعني أن تتواصل و توصل ما تريد قوله إلى الآخرين بطريقة واضحة ، مع احترام حقوقك ومشاعرك متوازية مع احترام حقوق الآخرين ومشاعرهم . فهو بذلك تعبير صادق وينم عن احترام الذات الإيجابي و رؤيتها بصورة أفضل . 

ان وضوح المعاني الحقيقية و المهارات المعرفية و السلوكية المطلوبة و طريقة اكتسابها للوصول لمعنى الحزم الآنف ذكره عبر محاور ترى أن الانسان بكيانه و استقلاله يوازي كيان دولة و استقلالها، فلقد أوجدنا الله بحدود تشمل محاور حياتنا المختلفة و منها و ليس تقليلاً من الأخريات ، الحدود النفسية و جعل لهذه النفس هوية تحددها و خلق لها دفاعات نفسية بنوعيها الصحية  و المرضية و هذه بالأخص من تقوم بدورها عن طريق العقل اللاواعى بإنكار الحقيقة أو تغيرها أو التلاعب بها من أجل حماية الشخص من الشعور بالقلق او التوتر الناتج عن الافكار الغير مقبولة، و بالتالي حمايته من التهديد، فيحافظ على صورته الذاتية و لكن بمنطق اللاوعي و بعيداً عن ممارسة التواصل البناء مع الاخرين.

و حتى هذه الدفاعات النفسية نستطيع بمجمل مهارات مختلفة تغيير واقعها لتصبح في نطاق الوعي و تحويلها الى اليات نفسية صحية و ناضجة نتحكم بها و نضيفها الى هويتنا و نقوي بها حدودنا .

ان تثقيف الفرد بمعالم حدوده و حدود الاخرين و بطريقة تعبيره المثلى عن أفكاره و مشاعره و احتياجاته و كذلك توضيح مراسم تكوين الهوية و الدفاع عنها بالدفاعات النفسية الناضجة للتعامل مع الضغوط الحياتية و مع منتهكي الحقوق، بمهارات ملموسة تضمن كفل الحقوق له و لغيره حتى في حال غيابهم بمنظور المكسب للجميع، لهي من اهم أهداف البناء النفسي السليم .

د. خالد عبدالجبار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق