السبت، 22 سبتمبر 2018

( وأد الغلو )
تحكي أسطورة يونانية عن قاطع طريق يدعى بروكرست والذي كان يعيش في منطقة أتيكا باليونان، وكانت له طريقة غريبة في التعامل مع ضحاياه والإجهاز عليهم، فقد كان يستدرج ضَحِيّته ويضيِّفه ويكرمه، وبعد العشاء يدعوه إلى النوم على سريره الحديدي الخاص، ويصفه بإنه سرير لا مثيل له بين الأسرة، إذ كان يتميز بميزة عجيبة، وهي أن طول السرير يلائم دائمًا مقاس النائم أيًا كان، غير أن بروكرست لم يكن يفسر لضيوفه كيف يمكن لسريره أن يناسب مقاس الجميع رغم اختلاف أطوالهم، حتى إذا ما استلقى الضحية على السرير، بدأ بروكرست باثبات معجزة سريره، فالقصير يقوم بربطه بإحكام ويشد رجليه ليمطهما إلى الحافة، وأما طويل القامة فيقوم ببتر رجليه ليقطع ما يتجاوز منها السرير حتى ينطبق تماماً مع طوله ! وظل هذا دأبه إلى أن لقي جزاءه العادل على يد البطل الإغريقي ثيسيوس الذي أذاقه من نفس الكأس وأخضعه لنفس المـُثلة، فأضجعه على السرير ذاته وقطع رقبته لينسجم مع طول سريره.
فأصبح مصطلح البروكرستية او سرير بروكرست يطلق على اية نزعة تهدف لفرض القولبة على الأشياء أو تنميط الأشخاص أو لي النصوص أو تشويه الحقائق وتلفيق المعطيات وتزوير البيانات لكي تتفق قسرًا مع مخطط ذهني مسبق، إنه القولبة الجبرية، والإنسجام الملفق، وهي إحدى طقوس الغلاة لأي مسلك أو طريقة، لسوق العامة لاتباع فرضية تنقصها الأدلة الدامغة، فتحشدهم بالجهل و العاطفة المنفردة بعيداً عن قياس العقل.
إن من يتبنى آراء متطرفة حول قضية من القضايا ويحاول إقناع الآخرين بها، هو كمن يشيد صرحًا من الأوهام المزعجة على أساس غير متين من الحجج والبراهين، ويسعى جاهداً لتلفيق التهم لكل من خالف، ومنمطاً لكل من حالف، كارهاً لمحاولات الفهم و الاستدلال، فتكون النتيجة في مخيلته فريقان، مع أو ضد، ما يؤدي نهايةً لانكسار المجتمع، وتنوع العداوات بين افراده.
لذا وجب التنويه حول أساليب الغلاة لحماية السِلم المجتمعي وايضاً لاحتواءهم بتنويرهم وجدالهم بالتي هي أحسن، كمرحلة أولى من تثقيفهم و زيادة إدراكهم، فكم من ثيسيوس نحتاج؟ لوأد كل غلو منفلت غير قابل للترويض.




هناك تعليق واحد:

  1. Best of merit casino
    best of merit casino · The 바카라 사이트 best หารายได้เสริม of merit casino · Casino 메리트카지노 sites are not rigged · There are no rigged casinos and there are no legit

    ردحذف